تقارير

 عنف النساء ضد النساء

كتب احمد ابورحمة
سُلَم عالمياً بأن النساء والإطفال هم من ينالون القسط الأكبر من العنف بجميع أشكاله ؛ ويزداد هذا العنف قسوة وامتداداً عندما تقع الحروب ؛ كوارث تدفع فيها هذه الفئات المستضعفة الثمن الأغلى .
في البحث عن موضوع العنف الذي تختلف تغريفاته حسب السياق الذي تتم دراسته ؛ نستعين بتعريف الموسوعة العلمية ( universats) التي تشير إلى أن مفهوم العنف يعني : ( كل فعل يمارس من طرف جماعة او فرد ضد أفراد أخرين عن طريق التعنيف قولاً أو فعلاً ؛ وهو فعل عنيف يجسد القوة المادية أو المعنوية ) .
وإن حُددت الكثير من الأيام والمناسبات للوقوف في وجه العنف ضد النساء ؛ ومناهضة التمييز ضدهن ؛ إلا أن الملاحظ في معظمها هو تضمين ممارسة العنف على الرجال والمنظومة البطريركية والدينية في المجتمع ؛ وهذا قد لايختلف عليه ؛ ولكن ما يتوجب البحث فيه هو تمثل جزء مهم من نساء المجتمع لهذه المنظومة وتكريسها وممارسة العنف على بنات جنسهن .
تقول عالية ” ٣٠ عاماً تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية ” : ( لطالما فضّلت أن يكون مديري في العمل رجلاً وليس أمرأة ؛ لأنه ؛ حسب تجربتي ؛ يكون أكثر تفهماً واحتراماً لظروفي ) . تؤكد حنان وجهة نظر زميلتها وتضيف : ( أستغرب عدم تقدير ظروف النساء من قبل بعض نساء أخريات ؛ فالمرأة التي عانت كثيراً لتصل إلى منصب معين ؛ تضع العراقيل نفسها التي واجهتها في طريق امرأة اخرى ؛ وكأنها تنتقم منها !!) .
هل يمكن القول إن المرأة تتماهى مع مستبدها ومع السلطة التي تضطدها ؟
لن نجزم بالإجابة التي تحتاج جهدا بحثياً موسعاً لا مكان له في تحقيق ؛ ولكن تقترب المشاهدات من تأكيد هذه الفكرة ؛ وأبرز مثال يوضح هذا هو تغير مفاهيم وقناعات كثير من النساء المناهضات لقيم مجتمعهن الذكورية ؛ حين يصبحن أمهات لفتيات يقاومن أيضاً هذه المنظومة ؛ إذ تنبري العديد من الأمهات إلى تبني القيم التي قاومنها سابقاً ويدافعن عنها محاولات إلزام بناتهن لها ؛ بحجج واهية لم يكن يقتنعن بها سابقاً . ما الذي يتغير إذاً ؟ كيف تمارس امرأة عانت تمييزاً وعنفاً بسبب جنسها العنف على ابنتها ؟
وهل ممارسة هذا العنف ضد زوج الابن مثلاً له مبررته ؟ وكيف بممارسة العنف ضد زميلاتها في العمل ؟ أهي الغيرة ؟ مشاعر النقص ؟ ضعف الثقة بالنفس ؟ أم كل ما سبق يضاف إليه أسباب أخرى؟!
تعلق سجود ( ٣٥ عاماً؛ وموظفة في القطاع الخاص )؛ على هذا الموضوع قائلة : ( أكثر ما يسىء ويدعو للدهشة ؛ تقوم امراة قاومت كل المنظومات التي تضطهد المرأة حولها وعاشت حياتها بالشكل الذي تختاره ؛ لتجدها في لحظة ما تعنف امراة اخرى مستندة إلى معايير كانت رفضتها سابقاً !) .
المنافسة في العمل ؛ والتسابق للحصول على الإعجاب وتحقيق النجاح ؛ امر شائع بين كثيرين نساء ورجالاً ؛ وقد يدافع بعضهم عن الثقافة التنافسية ؛ ولكن اتخاذ الجنس وسيلة للحد والتقليل من نجاح ( المنافسة المرأة الأخرى ) هو ما يجب الوقوف في وجه .
العنف ثقافة تتشربها الذات من خلال التربية ؛ ولمناهضته ورفضه لا بد من تربية عميقة تسانده وتدعمه ؛ ليكون السلام هو الثقافة البديلة والتي يجب العمل على ترسيخها وتكريس الجهود من أجل تحقيقها ونشرها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق